ديسمبر 31, 2024

غرائب الفضاء: إسرائيل تتلاعب بالجغرافيا

Jaffa map

تفتقر الخرائط إلى الحيادية؛ فبدلًا من أن تعكس الواقع كما هو، يتم استخدامها كأدوات قوية تشكل تصوراتنا عن الأماكن والحدود.

في ظل الاستعمار، يتم استخدام الخرائط كأداة لفرض السلطة من خلال تشويه الحقيقة الجغرافية ونشر معلومات مغلوطة.

لطالما استثمرت الحركة الصهيونية، وما ترتب عليها من استعمار فلسطين، في تغيير خريطة فلسطين لخدمة روايتها التوراتية وتأكيد شرعية سيادتها.

عندما تسمي القوى الاستعمارية أرضًا ما، فإنها تعلن سيادتها وسلطتها عليها.

منذ الانتداب البريطاني، تم تجريد الفلسطينيين من حقهم في تحديد مصير أرضهم، بينما كانت الرواية التوراتية تفرض نفسها كمرجع أساسي في رسم معالم فلسطين.

بدأ علماء الخرائط والجغرافيا والمخططون الحضريون الصهاينة (الذين عُرفوا لاحقًا على أنهم “إسرائيليون”) في تغيير أسماء العديد من المدن والشوارع والمناطق الفلسطينية.

كانت “عبرنة” الجغرافيا عنصرًا أساسيًا في محو التاريخ المحلي، بهدف إنشاء شعور بالوحدة القومية بين المستوطنين اليهود القادم معظمهم من أوروبا وأمريكا وبناء هوية وطنية جديدة.

وينطبق المنطق عينه على زراعة الأشجار من قِبل الصندوق القومي اليهودي، حيث استخدمت إسرائيل زراعة الأشجار كحجة لإخفاء آثار التطهير العرقي الذي تعرضت له القرى الفلسطينية وطمس هويتها.

تم فرض اللغة العبرية كلغة وحيدة لفهم طبيعة الأراضي الفلسطينية وتاريخها وثقافتها.

وحتى يومنا هذا، استبدل النظام الإسرائيلي غالبية الأسماء العربية للمدن والمناطق في الخرائط الأكثر انتشارًا بأسماء أخرى ذات أصول عربية أو توراتية. ومن الأمثلة على ذلك:

القدس – أورشليم

أريحا – يريحو

الخليل – حبرون

النقب – نيغيف

ونتيجة لمحو الأسماء العربية للأماكن، أصبح الكثير من الفلسطينيين لا يعرفون أسماء الأماكن التي يعيشون فيها أو يذهبون إليها قبل الغزو الاستعماري الاستيطاني.

ويدعم هذا التوجه تقنيات تحديد المواقع مثل جوجل (Google) وويز (Waze) وغيرها من تطبيقات الخرائط الغربية التي تعرض الواقع الذي يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية.

ففي خرائط جوجل (Google Maps) علي سبيل المثال، لا يُذكر اسم فلسطين، ولا يظهر سوى خط متقطع على طول الخط الأخضر (خط الهدنة لعام 1949)، والذي لا يعكس أي واقع جغرافي، وغالبًا ما يقترح البرنامج مسارات غير صحيحة أو يترك الأماكن التي يسكنها الفلسطينيون فارغة كما لو كانت أرضًا بلا صاحب.

وفي الضفة الغربية، تشير اللوحات الإرشادية بوضوح إلى المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، بينما لا توجد أي علامات تشير إلى القرى الفلسطينية.

بدأ الفلسطينيون إعادة رسم خرائط فلسطين كجزء من جهود المقاومة، إذ تسهم عملية “رسم الخرائط المضادة” في استعادة الحقائق التاريخية والجغرافية لفلسطين.

من كتاب “كل ما تبقى” لوليد خالدي إلى “أطلس فلسطين” لسلمان أبو ستة، ومن حملة “تصور فلسطين” و”استوديو-اكس عمان” بجامعة كولومبيا ومنصة “خرائط فلسطين المفتوحة” إلى منصة الملاحة “دوروب”، يواصل الفلسطينيون كفاحهم لاستعادة حقوقهم في أرضهم.